للأسف الشديد أنى فارَقْتُهُ
فارَقْتُهُ مُنذُ أعوامٍ... أشهرٍ .....أيامٍ ....
لا أدررررررررى !
ولكن!
آخرُ عهدي بـــهِ أنَّــهُ كانَ حين فارَقْتُهُ بِصَحَّتِـــهِ..
بِعُنْفُوانِ شَباااابِهِ..
واندفااااعِ عزيمتهِْ..
كـانَ يُنَشِّطُ كَسَلي وَخُمولي ، بِنَشاطِهِ وإقبالِهِ عَلَى الخير...
كانَ يَنْفُضُ عَنِّي غُبارَ التثاقلِ ، والتَّباطُؤِ بإسراعِهِ وإقبالِهِ عَلَى الطاعات...
لَطــالَما أَخَــذَ بِيَديَ..
نَحْـــوَ عالـــمٍ آخــر...
لا يَمَـــلُّ وَلا يَضْجَرُ مِنْــــهْ..
لَكِنَّني في يَوْمٍ مـــا..
للأسف فارَقْتُهُ ........
استَبدَلتُهُ بِآخَـــرْ...
مُريــحٍ..
أوْ بمعنىً أصــحْ..
كَسول..
كُلَّما أَرَدْتُ الإقبالَ عَلَى الخَيْرِِ..
جَرَّني إلى هاوِيَــةِ إلى الغَفْلَةِ
فازدَدْتُ دَفناً تحتَ الغبــار..
غبــارَ التكاسُلِ والغفلة..
ومَـــرَّتِ الأيامُ .......
تَجُـــرُ مَـــنْ بَعدَها الأيامُ .....
وَنَحـــنُ نِيام..
واليـــومَ ، وَبَعـــدَ أعوام...
لَمَحتُــــهْ...
أجل
لَمَحتُــــهْ...
لكنى !!!
لَـــم أتَعَرَّفُ إليـــهِ للوَهْلَةِ الأولى..
أمعنتُ فيهِ النَظَرَ أَكْثَـــرَ فَأَكْثَـــرْ...
لا زالــت ذاكرتي المُغبَرَّةُ لا تُسعِفُني...
أَغمضْتُ عَينَـــيَّ فـــي محاولةٍ يائسةٍ للتذكُّـر..
نَعَـــمْ .........نَعَـــمْ
تذكَّرتُـــهُ !
إِنَّـهُ...!
لَـكِـنْ ..
ما الذي غَيَّـرَهْ ؟!
ما بالُهُ أَصبحَ مُصفَرّاً يابساً كأوراقِ الخريف ؟!
لو أقبلتُ إليهِ أُمسكُهُ تفتَّتَ بيــنَ أصابعي لشدَّةِ جفافِهْ !
ظهـــرُهُ قَـــدِ اعـــوَجْ
وَشـــابَ شَعرُهُ ....
وضَعُـــفَ بَصَرُهْ..
وكأنني قـــد فارقتُهُ منذ مائةِ عامٍ ، وَلَيسَ بِضعَةِ أعوام ...!
أخافتني نظراتُهُ ؛ فَقَـــدْ كانَ بعتابٍ شديد ..
ينظُرُ إلـــيَّ وكأنَني أنا مَـــنْ ظَلَمَهُ ..
أنا مَـــنْ قتلَ لَهُ حبيباً....!
أنا مَـــنْ سَلَبَهُ عِــزَّهْ وَمُلْكَهْ...!
يااااااااااااااالله !
تَقَدَّمتُ إِلَيْهِ بِكُلِّ مـــا أَمْلِكُ مِـــنْ مَشَاعِرٍ باردة..
قُلتُ لَــهُ..كيفَ حالُكَ يا ااااااااا ؟
فطأطأ رَأْسَهُ.. لا أدري .. أحزناً..أم تعباً..!!
وَسالَتْ عَلى خَدِّهِ دمعة ..
لا
بل دمعاتٌ !
أذابت بِحرارتِها الصَّقيعَ الذي يُعَشِّشُ بينَ جَنْبَيّ
فقـــد شَعُـــرْتُ بحرارتهـــا...
وَشَعُرْتُ بأن قلبيَ تعلَّقَ بها ....
وَعقدتُ العزمَ ألَّا أتركَهُ حتى يبوحُ لي بما يثقلُ كاهلُهُ الهَرِمْ..
ألححتُ عليهِ بالسؤالِ ........
حتـــى أجابني بما فَجَّرَ في فؤادِيَ الأشجان..
أتذكُرَين يومَ كذا يوم كُنَّـا ، وَيومَ كُنَّـا ؟!
أتذكُرَين هِمَّتَنـــا ؟!
أتذكُرَين عزيمتنا ؟!
أتذكُرَين إقبالُنا على الله ؟!!!
فأخذَ يسترجِعُ مِـــنَ الماضِــيَ صفحاتٍ كنتُ قد أطفأتُ نورَها بداخلي منذ مدة .
فما زالت كلماتُهُ تخترقُ كُلَّ خليةٍ في داخل قلبى ..
تضئُ مِنِّــي كُلَّ ناحيةٍ مِـــنْ رُوحي..
شَعُرْتُ بـه ..كبيتٍ كبيرٍ من زجاج ، رائعِ البنيان ؛ لكنَّهُ مظلمٌ موحشْ ، فدخلَ إليهِ مَــنْ أنارَ كُلَّ مصابيحهُ فتحوَّلَ إلى جوهرةٍ وَسَطَ الظلام..
بكيتُ بكاءاً شديداً..
بكيتُ شوقاً إلـــى تلكَ الأيام..
بكيتُ خوفاً مِمَّـــا ارتكبتُ مِـــنْ آثام..
بكيتُ توبةً...
بكيت عودةْ ..
بكيتُ نيةً لنفضِ الغبارِ الذي كدستُهُ على بصري و فؤادي طويلاً..
ونِـيَّةً فـــي إحياءِ مـــا قـــد مَضَـــى...
ها أنا ذا ، وذاكَ الرفيقُ الذي بغفلتي وذُنوبي شاخَ وَهَرِمْ..
ذاااكَ كـــانَ إيمانـــي...!
الذى للأسف فارَقْتُهُ يوماً بغفلتي وذُنوبي ........
ذاااكَ مَـــنْ توقفتُ معهُ عندَ محطةٍ منذُ مدةٍ طويلة ، ثُـــمَّ تركته وذهبت ..
فَظَلَّ ينتظرُ حَتَّـــى مَلَّ الانتظار..
فعادَ إلَـــيَّ فـــي هذهِ الأيامِ المباركةِ..
لَعَلَّ رحمةَ اللهِ تعيدنا للقاء...
فَكانَ اللقاء...
عاهدتُهُ علــى العودةِ بعزيمةٍ جديدة...
وإقبالٍ شديد..
وصحبـــةٍ طيبـــة...
لَعَلَّ الشبابَ يعودُ لَهْ...
فَيَشُبُّ بشبابِهِ قلبي...
فأحيا بهذا النورِ ما دُمْتُ حَياً..
فأمامي ظلمةٌ شديدة..
لا يملِكُ تبديدُها إلا إيماني...
تاااااااه منى ! ولكنى ...وجدته !...فهل أعود إليه !؟
أجل سأعود !
فانظرى أخـتـي الحبيبة لإيمانِكْ...
وأنظرى أُخيه لإيمانكِ .....
ولا تَتْرُكْوهُ يَهْرُمْ ويبلى مثلى ..
فَتُلْقَوا في ظلمةٍ أوَّلها قبرٌ ضَيِّقٍ ، وآخرها جَهَنَّمُ المظلمة..
وتسلَّحوا بهذا الصاحبِ الغالي...
الإيمــــــــان!
فما هِيَ إلا أيَّامٌ
وَيُقبِلُ عليكُم من يَغُرُّكُم ويفتنَكُم ويخدعَكُم بما عندهُ مِنْ شهواتٍ وَلَهو..
تَحَصَّنْوا مِنْهُ بالدعاءْ..
وَرَدِّدْوا في أنفسِكُم دوماً..
"يا مُقَلِّبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قَلْبوبَنا عَلَى دِينِكْ "