الزمان:
أيام ما كان
لسه فى ناس ممكن تموت
مش لجْل لقمة ولجْل قوت
يعنى الزمان كان من زمان.......
المكان:
جوه العراق
صحرا على مدّ البصر
رملة بدون نقطة مطر
والخوف على رمية حجر
من كربلاء......
السينscene بيبدأ......
صوت نفس
مزيكا توحى بالقلق
دقات لقلب بينتفض
منظر لحبات العرق
على جبهة م الشمس استوت
الكاميرا تعمل زوم أوتzoom out
السين بدأ
أصوات حوافر ع الطريق
الصوت بيعلا ويقترب
فى نقطة ع الشوف من بعيد
الزوم يزيد
يظهر بتاع خمسين فرس
من لبسهُم
واضح بإن دول حرس من جيش "يزيد"
يغمز حصانه فينطلق زى الهوا
تلمح عينيهم م العفارة جريته
تلمع عينيهم كله يجرى ناحيته
مشهد مطاردة بدون أمل
خلفيته صوت طبل أفريقى اشتغل
ومفيش دقيقة بعدها
كان سهم لحقه واتقتل
فيسيب حصانه ويتهبد
يمسك السهم بإيديه
ويشوف شريط الفيلم كله قصاد عينيه...................
الشاشة تبهت لون ضباب
علشان تجيبه بيفتكر
والذكريات دايما بتصحى
لما بنيجى نحتضر.......
كُنا قصاد قصر الخليفة بالآلاف
من كل شارع فى المدينة حتلاقينا
شىء مهول
ومهما أحكى أو أقول
اللى سمع طبعا ماهوش زى اللى شاف
كان هو جوه بيرتعش
وزى منه حاشيته
طوفانّا عمّال يقترب
والكل جاى فى سكته
والكاميرا طايرة ع الرؤوس
مع صوت هتاف
الصورة تعمل فيد أوت fade out
كل الملامح تختفى
الصورة ترجع
الإضاءة نور قمر
والمشاعل اللى باقية
نورها قرب ينطفى
واللى فاضلين م الآلاف
يتعدوا يمكن ع الإيدين
ما اعرفش لسه الغلطة فين
بس الحُسين
لازم خبرنا يوصله
قبل ما يفوت الأوان
خوفنا خلانا عبيد مالناش أمان
احنا مش قد اللى عاوز يعمله
وصوتنا النهارده جنب صوته
وموتنا موته
وبكرة قدام الخليفة
احنا اللى ممكن نقتله.......
صمت تام
بعده يبدأ صوت يبان
صوت لعزف حزاينى جدا ع الكمان
سين المظاهرة خلاص خلص
وسين العقاب واضح إنه فى أوله.....
الكاميرا فجأة تلتفت
جايبة شكل القصر كله من بعيد
زوم zoom ع الفراندة اللى طالة ع الجنينة
من وسط ظباط حاشيته يظهر يزيد
زى اللى دبت روحه جواه من جديد
يكشف سنانه ويبتسم
وبسيفه بيشاور علينا
من غير ما ننطق كلمة واحدة
ف ظرف لحظة افترقنا
كل واحد ودع الباقيين بنظرة
وهو بيلف بحصانه وانطلق
كل واحد فى اتجاه
كل واحد منا يجرى وألف كلب صيد وراه
ما اعرفش مين فينا اتصلب
مين انضرب
مين فينا بالمدنة احتمى
ومين اللى من فوقها اترمى
أو حتى مين قتله العطش
بعد أمّا تاه...
كل الشوارع مصيدة وكل البيوت
الكوفة نايمة حتى من قبل العشا
حطت صُباعها ف ودنها
وسابتنا برة الباب نموت.....
الليل يفوت
والحظ يلعب لعبته ويسيبنى أعيش
الكاميرا قدام الحصان
الحركة ماشية بالبطىء
الكاميرا تعلا لفوق قوى
الصحرا تملا الكادر كله
والشمس فى نهاية الطريق
ع الضُهر حسيت بالتعب
بطّلت جرى
الشمس حامية وصدرى من كتر العطش عمال يضيق
ريقى باحاول أبلعه مش لاقى ريق
حسيت ساعتها إن النهاية بتقترب
فنزلت من فوق الحصان
طبطبت على كتفه وسندت
وبنظرة بصيت للسما زى الغريق
الصورة تتثبّت بتاع أربع ثوانى
الصورة فجأة تجرى بس بسرعة جداًٍ
مع صوت كأن حد بيسف الشريط
الصورة تثبت مرة تانية......
جُثة فوق الرمل نايمة
وسهم راشق نفسه فيها
زى شاهد من فوقيها
الكاميرا تبعد حبة حبة والإضاءة تنطفى
أصوات نايات ملو السمع
الكادر بيلم الوجع
بعدين يقرر يختفى
صورة سودا للسما من غير نجوم
مع صوت هَوَا عمال يزوم
فوق الرمال
وتبان بعيد أشباح جِمال
أصوات خفيفة للخيول
ينزل كبيرهم من على جناح الفرس
ويلف كفه ع اللجام بعدين يقول
الليلة دى نبات هنا
دقوا الخيام
ساعتين وكان الكل نام......
يصحى فى نص الليل لوحده م القلق
ابنه الصغير يسأله: مالك؟
-مفيش
هو احنا مش ع الحق برضه؟
يبقى تفرق إيه نعيش؟
تلمع عيونه بدمعتين
يحضنه دراع الحسين
والحُضن دايماً يختصر نص الكلام
يا رب مغلوب فانتصر
الظلم عمره فى يوم ما دام......
وتفوت ساعات الليل قوام
الفجر يبدأ يوم جديد
وينكتب ع الشاشة بالفونط العريض:
يوم كربلاء
آخر ساعات قبل المصير
والكاميرا تتسحب على السين الأخير
قبل الختام
الكاميرا جايبة صقر طاير فوق بعيد
عمال يلف ويرسم دايرة مقفولة
وكأنه حاسس باللى حينقتل تحته
وإن الحسين على وش مدبحته
وإن الرمال تحتيه بالدم راح تشبع
وإن الهوا حواليه حبة وحيبقى تراب
وحيبقى هو وصحبته أغراب
وإن المدد مش جاى
مش هو ده عَلْمهُم
اللى قالوا لك تيجى رجعوا ف كلامهم
يا حسين حتموت لمين؟
ارجع
كل اللى جاى عشانهم تفدى وتناضل
راضيين يعيشوا عبيد
والمشهد الفاضل
حتموت فى آخره وحيد.....
الشاشة تتفتح بالراحة ع المشهد
الصورة سودا وتاريخ بيطلع ينكتب بابيض
الزمان:
عشرين ديسمبر
شهر ونكمل سنة ع الثورة تقريباً
الوقت:
قبل الفجر
المكان:
أسفل إشارة عُمر مكرم
جنب الصينية تحديداً
ويخش آخر كادر ف القصة على غفلة
فيد إن على الكريشيندو والقفلة
أصوات هتاف
وبتقطعه أصوات بعيدة
لسراين الإسعاف
وساعات قريبة لضرب نار
الكاميرا بتزوم ع الهدوم الكاكى
والكادر فجأة فى بشر ظاهرة
صفين عساكر جيش مترصصين بالعرض
وبلاط رصيف الحى مخلوع ومتكسّر
والراوى يبدأ حكايته وصوته متأثر
أمسك محمد مصطفى ع الأرض
وأبكى وأنا بقلبه من كتفه على ضهره
ونشيله جرى ف اشيله من باطه
وصوابعى حاسة بقلبه بيدقدق
مع كل نبضة تخف نبضاته
كان دمه مش بينقط
دمه بيدلدق
قال الدكاترة بعدها
اللى اتقطع شريان مهم
المهم...
لفينا وسطه بشال وعقبال
ما جرينا للشارع ولقينا عربية
ولحد مستشفى الهلال
ولحد ما استلموه طقم النبطشية
كان هو متبرع بنص دمه للطريق
وعرفنا بعدها بيومين
انه اتبرع بروحه للقضية
وإنه ساب لصحابه فى هدومه وصية......
الكاميرا جايبة شاب بيغرّق إيديه بالدم
وجايبة صاحبه بيعدى جنبه بيدمّع
بيقول كلام ويعيده كأنه بيسمّع
شيّع صحابك من معركة بالليل
والصبح فرج دمهم للخلق
والأوتوبيسات والناس الرايحة للأشغال
زعق بصوت رايح وبحشرجة فى الحلق
واسكت عشان ما بقاش فاضل كلام يتقال......
الكاميرا ماشية بالبطىء
جنب الصينية
الكاميرا ماشية بالبطىء
فوق الطريق الأحمر
بتودّع الواقفين ف الكادر
وبتطلع
واصحاب محمد لسه بيحاوطوا الأمل
بالطوب
زى ما يحاوطوا
أتر الشهيد المحتمل ع الأرض......
أفتح وصيته واقرا إيه مكتوب
الكاميرا طايرة ع الميدان من فوق
والصوت يرن لوحده فى سما المنظر..................
إنى رأيتُ اليوم
الصورة من برة
قلت الحُسين لسه
حيموت كمان مرة
إنى رأيت اليوم
فيما يرى الثائر
إن الحسين ملموم
فوق جثته عساكر
بيدغدغوه بالشوم
كل اما ييجى يقوم
وإن البشر واقفة
تبكى بدال ما تحوش
وإن العلم مصفاة
م السونكى والخرطوش
وإن الطريق مفروش بالدم للآخر
إنى رأيت اليوم الدم ع الآيش
وإن الحسين احنا
مهما اتقتل.. عايش